الأخبار

كيف تشجع تركيا الاستثمار عن طريق القوانين والحوافز

عملت تركيا طيلة العشر سنوات الماضية على تهيئة مناخ اقتصادي جيّد يوفر بيئة استثمارية أمنة لتدفق المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، عبر سن قوانين تسهيلية للمستثمرين تتسم بالبساطة وتتوافق مع المعايير الدولية، من أجل توفير الحماية وجلب مزيد من الاستثمارات إلى تركيا، ما جعلها مركزًا رئيسا للاستثمار المباشر، ساهم في نقل اقتصادها نقلة نوعيّة في الفترة الأخيرة من المركز 111على مستوى العالم إلى المرتبة 17وفق احصائيات البنك الدولي.

ووفقا لعدد من الاستشاريين في الشأن الاقتصادي التركي، فإن الاستقرار السياسي من العوامل المهمة والرئيسة في جذب المستثمرين لأي دولة في العالم، ويعتبر الركيزة الاولي التي يتكئ عليها اقتصاد أي دولة في تشجيع الاستثمار وتقوية وجوده بشكل دائم ومستمر.

قوانين ضمانات الاستثمار

تشكّل اللغة التركية عائقا كبيرا أمام من لديهم الرغبة للاستثمار في تركيا، من خلال صعوبة الاطلاع على تلك القوانين بشكل يضمن لهم العمل على دراية واطمئنان، ومن أجل التسهيل على أصحاب الاستثمار وفهم قوانين ضماناته جيدا، يوضح الاستشاري القانوني ” أنس سليم زين الدين” تفاصيل تلك القوانين عبر حسابه الشخصي بالفيس بوك، ويسبر أغوارها كي تتجلّي الصورة كاملة أمام الراغبين في الاستثمار بتركيا، ويعلم ما له من حقوق وما عليه من واجبات.

ويشير زين الدين، إلى أن قانون الاستثمارات الأجنبية المباشرة رقم 4875 لعام 2003 من أهم القوانين التي توفر الكثير من الضمانات للمستثمر الأجنبي.

ويقول إن لهذا القانون لائحتان تنفيذيتان: الأولى هي اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون الاستثمار الأجنبي المباشر، والثانية هي اللائحة التنفيذية الخاصة بتوظيف الأجانب.

ويبيّن أن هذا القانون يمنح العديد من الضمانات والتسهيلات للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى تركيا من أهمها المساواة في المعاملة، وحرية الاستثمار.

ويقول زين الدين، أن الفقرة الأولي من المادة الثالثة من قانون الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمستثمرين الأجانب تقرّ بمبدأ المساواة في المعاملة والحصول على حقوق وواجبات المستثمرين المحليين، وبالتالي يخضع الأجانب لنفس الشروط الخاصة بتأسيس نشاط تجاري ونقل الأسهم التي تنطبق على المستثمرين المحليين.

ويضيف أن القانون أيضا يحظر المصادرة والتعميم وفقا للفقرة الثانية من نفس المادة التي تنص على عدم جواز تأميم أو مصادرة الاستثمارات المباشرة إلا إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك ووفقا للقوانين سارية المفعول ومقابل تعويض مالي.

وينوّه قائلا: كما أن القانون يسمح بحرية نقل الأرباح بحرية تامة إلى الخارج من خلال البنوك أو المؤسسات المالية الخاصة.

ويجيب زين الدين على ما إذا كانت هناك فقرة تتيح للمستثمر اللجوء إلى التحكيم الدولي إذا وقعت أي نزاعات تقتضي ذلك قائلا، إن الفقرة الرابعة من نفس المادة تقول بجواز اللجوء إلى التحكيم الوطني أو الدولي لتسوية النزاعات بالاستثمارات الناشئة عن عقود امتياز المرافق العامة الموقعة بين الدولة والمستثمر الأجنبي، بشرط التوافق على ذلك بين الأطراف.

ويشير إلى تضمن القانون نصا يتيح تعيين الموظفين الأجانب وفقا للفقرة السادسة من نفس المادة التي تسمح للموظفين الأجانب الذين يعملون في الشركات والفروع والمنشآت الحصول على تصاريح عمل من وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية بناء على بعض الشروط الواردة في اللائحة التنفيذية الخاصة بتوظيف الأجانب في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويضيف زين الدين أيضا، أن القانون يسمح للمستثمر بفتح مكتب تمثيل لمَ تملكه الخزانة التركية من سلطة منح الإذن للشركات الأجنبية لفتح مكتب تمثيلي لها في تركيا بشرط عدم انخراطها بأي عمل تجاري في تركيا من خلال هذا المكتب

إعفاءات وحوافز

وعن القرارات التي تمنح المستثمرين حوافز وإعفاءات ضريبية يقول زين الدين، إن القانون رقم 3305لعام 2012 الصادر عن مجلس الوزراء يحتوي على جملة من الحوافز والإعفاءات من أهمها، إعفاء المستثمر من ضريبة القيمة المضافة الخاصة بكل المستلزمات والتجهيزات والتقنيات والحقوق غير المادية التي قام بشرائها أو تأجيرها من أجل الاستثمار بشرط حصوله على شهادة تشجيع الاستثمار.

ويضيف أن من بين تلك الإعفاءات تخفيض نسبة ضريبة الدخل للمستثمر إلى حين يتمكن من تحقيق نسبة المساهمة المخطط لها.

كما يتم، بحسب زين الدين، إعفاء المستثمر من الرسوم الجمركية الخاصة بكل المستلزمات والتجهيزات والمعدات التي يتم استيرادها من خارج تركيا بشرط الحصول على شهادة تشجيع الاستثمار.

ويقول زين الدين، إن من بين هذه الحوافز أيضا هو تخصيص مكان من قبل الحكومة التركية للاستثمارات الكبيرة والاستراتيجية التي منحت شهادة تشجيع الاستثمار وذلك في إطار الأصول والمحددات من قبل وزارة المالية التركية.

كيفية إبرام العقود

من جانب أخر تحدث زين الدين، عن كيفية كتابة العقود المبرمة بين الشركات الأجنبية والتركية داخل وخارج تركيا بما يخص لغة صياغة تلك العقود ومدي قانونيتها.

ويوضح زين الدين، أن تركيا شهدت في السنوات الأخيرة عدد كبير من تأسيس الشركات من قبل العرب بكافة جنسياتهم.

ويتابع أن هذه الشركات تعتمد في توثيق العقود فيمَ بينها باللغة العربية، أما العلاقات بين هذه الشركات والشركات المؤسسة من قبل المواطنين الأتراك فقد اعتاد الكثير من رجال الأعمال العرب في تركيا على صياغة وتوثيق هذه العلاقات بعقود باللغة الإنجليزية، كونها لغة مشتركة بين الطرفين.

وحول مدي قانونية تلك الإجراءات يقول زين الدين، إن ذلك وفقا لقانون 805 لعام 1926المتعلق بإلزامية استخدام اللغة التركية في المؤسسات التجارية وهو المطبق به في المحاكم التركية وساري المفعول حتى الآن.

ويتابع زين الدين، أن ذلك القانون ينص على إلزام الشركات التركية بكتابة عقودها باللغة التركية فبحسب القانون تعتبر كل أنواع المؤسسات والشركات التجارية التركية ملزمة باستخدام اللغة التركية في عقودها وكل انواع تعاملاتها واتصالاتها وسجلاتها داخل تركيا.

ويضيف أنه بناءً على ما سبق تعتبر كل الشركات المؤسسة من قبل الأجانب في تركيا وفق القوانين التركية شركات تركية، وبالتالي تكون ملزمة كما الشركات المؤسسة من قبل الأتراك باستخدام اللغة التركية في العقود التي توقعها مع الجهات الأخرى، لكن هذه المادة تعفي الشركات التركية من استخدام اللغة التركية في تعاملاتها وعقودها المبرمة خارج الأراضي التركية.

وبخصوص ما إذا كان هناك استثناءات تخص الشركات المؤسسة خارج الأراضي التركية يقول زين الدين، إن القانون هنا يخفف هذا الإلزام بشكل كبير، إذا كان أحد أطراف العقد أو المعاملة عبارة عن شركة أجنبية تم تأسيسها خارج الأراضي التركية.

ويضيف أن المادة الثانية من هذا القانون تنص على التالي: “بخصوص الشركات والمؤسسات الأجنبية، ينحصر هذا الإلزام فقط في معاملاتهم واتصالاتهم مع الشركات والمؤسسات التركية أو مع المواطنين الأتراك أو مع الدوائر الرسمية للدولة التركية”.

ويتابع أنه بناءً على هذه المادة إذا كانت المعاملات بين طرفين كلاهما من الشركات الأجنبية على الأراضي التركية ففي هذه الحالة لا يجب عليهم التعامل باللغة التركية، لكن في حال كان الحديث عن معاملة بين شركة تركية وشركة أجنبية، فهنا يلزم الطرفين التعامل فيما بينهم باللغة التركية.

ويردف قائلا: لكن من وجهة نظري أرى الأولى والأفضل للشركات التركية المؤسسة في تركيا من قبل الأجانب، صياغة عقودهم مع الشركات الأجنبية أيضا باللغة التركية، كذلك يمكن كتابة العقد بلغة أجنبية بجانب اللغة التركية، ولكن النص الذي سيؤخذ به في المحاكم التركية هو النص التركي للعقد دون أدنى شك.

الأثار القانونية

وبخصوص الأثار القانونية المترتبة على عدم الالتزام بصياغة العقود باللغة التركية يبين زين الدين، أن الأثر الأول المترتب على ذلك هو أن الأحكام المقررة لمصلحة أحد الأطراف في هذا العقد، لن يؤخذ بها بعين الاعتبار في المحاكم التركية.

ويضيف أن لهذا ضياعا لكثير من المصالح والحقوق للشركات التي تبرم عقود بمبالغ عالية، دون الانتباه للالتزامات الملقاة على عاتقها في هذا القانون لجهلها به.

ويذكر زين الدين واقعة تؤكد تفعيل هذا القانون مع من لا يلتزم بتنفيذ بنوده فيقول : لم تقبل المحكمة العليا في قرارها رقم 5292/ 2009 الصادر بتاريخ 4 مايو عام 2009 الأخذ بأحكام عقد قامت أحد البنوك التركية بإبرامه باللغة الإنجليزية مع أحد عملائها الأجانب من دولة البحرين ، وبالتالي خسر البنك الدعوة القضائية بسبب صياغته للعقد باللغة الإنجليزية.

أما الأثر الثاني فهو تغريم المتعاقدين بعقد مصاغ بلغة أجنبية بغرامة مالية لا تقل عن 100 يوم، وتتراوح غرامة كل يوم بين 20 إلى 100 ليرة تركية ويتم تحديدها من قبل القاضي بناء على الحالة المالية والاجتماعية للمغرم.

ويذكر أن تركيا تعد من الدول الديمقراطية التي تعلى من أهمية القوانين وتنفذها على الجميع من كافة المستويات وعلى كل الأصعدة لذا وجب على أصحاب الشركات والمستثمرين أن يولوا اهتماما خاصا بمعرفة تلك القوانين وتنفيذ كافة الالتزامات المنصوص عليها في قانون رقم 805 كي لا تهدر حقوقهم ويقعوا تحت وطأة الغرامات والخسارة، فالجهل بالقوانين ليس بعذر. 

المصدر/نيوترك برس

مشاركة:

السياحة في تركيا
Tourism in Turkey
Türkiye'de Turizm