تقارير تؤكد أن السعودية فاجأت دول أوبك بقرارها خفض الإنتاج مليون برميل
تكتمت السعودية عن خطتها حول خفض إنتاجها النفطي خلال محادثات التحالف في فيينا مطلع هذا الأسبوع، رغم علم بعض الدول الأعضاء بقرارها خلال المؤتمر الختامي.
وتفيد المعلومات أن دولًا عدّة في أوبك+ علمت بقرار المملكة خفض إنتاجها مليون برميل يوميًا بدءًا من الشهر المقبل، خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا الاجتماع مساء الأحد، كما نقلت وكالة رويترز عن مصادر عدّة في أوبك+، ولفتت المصادر إلى أن فكرة الخفض لم تُطرح خلال المناقشات السابقة بشأن اتفاق أوسع لخفض الإمدادات حتى نهاية 2024.
عنصر المفاجأة
تعد المملكة أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والبلد الذي يتمتع بأكبر مرونة فيما يتعلق بحجم الإنتاج أو خفضه، ما يجعل تأثيرها في أسواق البترول كبيرًا، على الرغم من أن التأثير في أسعار الخام منذ الإعلان عن خططها جاء متواضعًا حتى الآن.
سبق وأن لجأ وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان لعنصر المفاجأة في التعامل مع أسواق النفط، في حين تتعرض الأسعار لضغوط نتيجة المخاوف من ضعف الاقتصاد العالمي وتأثيره في الطلب.
وقبل أيام من اجتماع أوبك+ قال بن سلمان إنه سيلحق مزيدًا من الألم بالبائعين على المكشوف أو المضاربين الذين يراهنون على تراجع أسعار النفط، وطلب منهم أن يحذروا.
أكدت المصادر أنه لم يُكشف عن أي معلومات حول الخفض الإضافي قبل المؤتمر الصحافي، وقد كان قرارًا مفاجئًا، مرة أخرى.
العلاقات السعودية – الأميركية
يبدو أن زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى السعودية أمس لم تفلح في تحسين العلاقات التي تشهد برودة بين الدولتين، وبرز اليوم موقف للرئاسة الروسية، إذ قال المتحدث باسم الكرملين إن السعودية دولة ذات سيادة يمكنها اتخاذ قراراتها بنفسها ولا تحتاج إلى “محاضرات أو مواعظ” من الولايات المتحدة بشأن سياستها النفطية.
وجاء الموقف الروسي ردًا على تقارير عن خلافات بين واشنطن والرياض بعد تعهد المملكة مؤخرًا بمزيد من خفض الإنتاج.
ولم تحظَ زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للسعودية بتغطية تُذكر في وسائل الإعلام السعودية الخميس.
وجاءت زيارة بلينكن بعد أيام من تعهد السعودية خفض إنتاجها النفطي ضمن تحركات لتعزيز أسعار النفط المتراجعة رغم الاعتراضات الأميركية.
وانتقدت قوى غربية قرارات منظمة أوبك لخفض إنتاج النفط، وقال مسؤول أمريكي إن بلينكن وولي العهد السعودي أجريا محادثات “منفتحة وصريحة” لمدة ساعة و40 دقيقة.
تخفيضات الإنتاج
يضخ تحالف أوبك+ الذي يضم دول منظمة أوبك وحلفاء من خارجها بقيادة روسيا، نحو 40% من إجمالي الخام العالمي.
وتعد المملكة هي أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والبلد العضو المتمتع بأكبر مرونة فيما يتعلق بحجم الإنتاج وقد بدأت خفضه 10% أو مليون برميل يوميًا في يوليو/تموز إلى 9 ملايين برميل يوميًا مع إمكانية تمديد هذا الخفض. في حين اتفقت دول أوبك+ على تمديد التخفيضات حتى نهاية 2024 لكنها لم تلتزم بتخفيضات جديدة للعام الحالي.
وبالإضافة إلى الخفض السعودي، خفضت أوبك+ إجمالي الإنتاج المستهدف لعام 2024، ومددت الدول التسع المشاركة تخفيضاتها الطوعية حتى نهاية العام المقبل.
نتائج خطط السعودية
ذكرت مصادر في أوبك+ أن الرياض أقرت بأنه سيكون من الصعب تأمين تعهدات بالخفض من دول أخرى مثل الإمارات وروسيا التي كانت مترددة بشأن خفض أكبر للإنتاج قبل أيام من الاجتماع.
ورغم ذلك، تمكنت السعودية من إقناع دول أخرى في أوبك+ ليست قادرة على إنتاج المستويات المطلوبة بسبب نقص الاستثمار في القدرة الإنتاجية، متضمنة نيجيريا وأنغولا، بالقبول بأهداف إنتاج أقل للعام المقبل.
وكذلك تجنبت موسكو، التي تظل صادراتها قوية رغم العقوبات الغربية، الاضطرار إلى تنفيذ مزيد من خفض الإنتاج.
ومن المتوقع أن تستفيد كل الدول المنتجة إذا تمكنت من الحفاظ على مستوى الإنتاج كما هو أو ضخت ما يزيد عنه قليلًا، خصوصًا إذا نجح الخفض الطوعي السعودي في تعزيز الأسعار.
وقد يعطي الخفض كذلك المملكة نفوذًا أكبر في الأشهر المقبلة تتمكن به من الضغط على دول لا تخفض الإنتاج لكنها تستفيد من خفض دول أخرى لإنتاجها. ويمكن للسعودية أن تهدد بإعادة مليون برميل يوميًا للسوق خلال 30 يومًا ما سيؤدي لخفض الأسعار، بحسب مصادر داخل أوبك+.
وارتفعت أسعار النفط قليلًا بعد الخطة السعودية، وجرى تداول خام برنت عند مستوى أعلى من 77 دولارًا للبرميل أمس الخميس.
تتهم دول غربية أوبك بالتلاعب في أسعار النفط وتقويض الاقتصاد العالمي من خلال تكاليف الطاقة الباهظة.
كما يتهم الغرب أوبك بالوقوف إلى جانب روسيا رغم العقوبات الغربية بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.
وردًا على ذلك، تقول مصادر من داخل أوبك إن طباعة الغرب للنقود على مدار العقد الماضي أدت إلى ارتفاع التضخم، وأجبرت الدول المنتجة للنفط على العمل من أجل الحفاظ على قيمة صادراتها الرئيسية.
تأثير محدود
استبعدت مجموعة سيتي بنك ارتفاع أسعار النفط إلى نطاق 80 – 90 دولارًا للبرميل، رغم قرار تحالف أوبك+ الأخير، وإعلان المملكة العربية السعودية خفضًا طوعيًا لإنتاجها بمعدل مليون برميل يوميًا اعتبارًا من مطلع يوليو/تموز المقبل، مخالفًا توقعات بنوك أخرى بحدوث نقص في إمدادات الخام عالميًا في النصف الثاني من 2023.
ولفت المحلل الاستراتيجي لدى ساكسو بنك، أولي هانسن، أن المحرك الرئيسي لأسعار النفط في الوقت الحالي لا يزال يتمثل في المخاوف المتعلقة بالنمو والطلب عالميًا، ولا تقتصر على الصين فقط، بل تشمل أيضًا الولايات المتحدة والمستهلكين الرئيسيين الآخرين.